هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

من آن لآخر

الدبلوماسية الرئاسية.. الحكمة تنتصر

 


كثيرون يركزون ويأخذهم الاهتمام بالجانب العسكرى وتوازنات القوة فيما يجرى فى المنطقة من أحداث وتصعيد ولكن التركيز على المعركة السياسية والدبلوماسية التى تخوضها مصر لم يأخذ حقه، والحقيقة أنها تديرها بعبقرية وتحقق نجاحات، لكننى أود التأكيد أن قوة وتأثير السياسة والدبلوماسية لابد أن ينطلق من دولة قوية وقادرة تجمع بين الردع والحكمة ولا تمارس غطرسة القوة بل بطبيعة الحال النجاح يتحقق طبقاً لرؤية وفكر وارادة وهو ما تحقق بشكل عام وفى بناء شبكة قوية من العلاقات الدولية والشراكات الاستراتيجية وربط المصالح المشتركة بشكل خاص، لذلك فإنه من المهم تناول ما حققته الدبلوماسية الرئاسية فى إدارة ناجحة لما يجرى من عدوان وحرب ابادة صهيونية ضد الشعب الفلسطينى ومحاولات حكومة بنيامين نتنياهو تنفيذ اوهام سواء فى الشرق الاوسط الجديد او اسرائيل الكبرى والتصعيد وفتح جبهات متعددة، كل هذه الاوهام واضغاث الاحلام ارتدت فى صدر رئيس الوزراء المتطرف نتنياهو وحكومته الفاشية رغم انه مارس كل انواع الكذب والتشويه فى محاولة فاشلة للنيل من دور مصر بمساعدة جماعة الإخوان الارهابية واجهزة مخابرات حليفة للكيان الصهيونى تستخدم فيها احقر الاساليب من الخداع والتشويه والاكاذيب وتحريك الادوات الاخوانية الرخيصة التى كشفت الاحداث بما لايدع مجالاً للشك الارتباط الوثيق والعلاقة الحميمية بين الجماعة والكيان لكن العجيب ان كل هذه الحملات المكثفة والممنهجة ضد مصر سقطت وفشلت وربما تشير الشواهد وتؤكد ان القاهرة انتصرت فى المعركة دون ان تطلق رصاصة، واجبرت اسرائيل على ان تكون عاجزة امام حالة العزلة الدولية التى باتت تعيشها، والهجوم الدولى والرأى العام العالمى بات ضد الكيان الصهيونى ولعل الانسحاب والاستهجان حتى من مسئولى الامم المتحدة من قاعة الجمعية العامة للامم المتحدة لحظة دخول بنيامين نتنياهو لالقاء كلمته حتى لم يتبق فى القاعة سوى المرافقين له تقريباً اشارة واضحة إلى هذه العزلة، التى جاءت بسبب الدبلوماسية المصرية الهادئة والواثقة والتى تحركت وفق رؤية وخطة اساسها التواجد على ارض الواقع، فقد حرصت مصر من خلال علاقاتها الدولية القوية بالدول الكبرى ان دعت رؤساء الدول وكبار المسئولين فى العالم إلى مشاهدة الاوضاع على ارض الواقع وهنا اسوق بعض الامثلة، فعندما يقول السفير الفرنسى فى القاهرة ان قرار باريس بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، جاء بعد زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون لمعبر رفح ثم الموقف الاسبانى واعترافها المبكر بالدولة الفلسطينية وموقفها الحاسم ضد حرب الابادة والطغيان والتجويع التى يشنها الكيان الصهيونى يثبت ذلك ايضاً فقد زار رئيس الوزراء الاسبانى ومعه نظيره البلجيكى معبر رفح من الجانب المصرى وتأكد بما لايدع مجالاً للشك ان كل ما تردده اسرائيل اكاذيب وانها ترتكب ابشع الجرائم فى حق الانسانية.

معركة الدبلوماسية الرئاسية المصرية ضد العدوان والاجرام الاسرائيلى، ليست أقل من الحروب العسكرية، بل أشير إلى حقيقة أن قوة الدولة المصرية فى تكامل وتناغم مؤسساتها حيث تتعانق القوة والقدرة العسكرية الرادعة والجاهزة مع قوة النفوذ والدور والثقل المصرى الذى يبتعد تماماً عن الغطرسة بل ينتهج الحكمة ويرسخ العدل، والقانون الدولى ويدعو للحفاظ على السلام والامن والاستقرار، وهو مطلب تنشده جميع دول العالم الا امريكا واسرائيل.

الحقيقة ان اسرائيل تتعرض لحصار بل زلزال دولى، وموقف صارم، فأسبانيا وإيطاليا ترسلان قطعا بحرية عسكرية لمرافقة قافلة الصمود البحرية لفك الحصار عن غزة ثم يطالب الرئيس الكولومبى بتشكيل جيش عالمى لفك الحصار على غزة واعتقال المسئولين الاسرائيليين عن حرب الابادة ضد الشعب الفلسطينى.

منذ اليوم الاول لبدء العدوان الصهيونى على قطاع غزة فاجأت مصر اسرائيل بكشف نوايا الكيان فى تنفيذ مخطط التهجير عندما اعلنت القاهرة موقفها الحاسم فى الثامن من اكتوبر 2023، قالت لا لتصفية القضية الفلسطينية ولا لتهجير الفلسطينيين من اراضيهم، ولا مساس بالامن القومى المصرى، ولن تكون ارض مصر بديلاً لغزة، اذا نحن امام دولة كانت تعرف وتعلم كافة تنفيذ المخطط الصهيونى قبل تنفيذه، ثم هذا المخطط لتهجير الفلسطينيين الذى تحاول اسرائيل تنفيذه على مدار عامين لم يبارح مكانه حتى الآن، بل فشل، والسبب موقف مصر التى اكدت انها لن تسمح بتهجير الفلسطينيين وايضاً التعامل بحسم وجاهزية ووضع خطوط حمراء فى وجه دولة الاحتلال، هذا الموقف يرتكز على قوة وقدرة ردع ألجمت اسرائيل لانها تدرك خطورة وكارثية الصدام العسكرى مع مصر.

 ان مصر لن تسمح بالتهجير، كما ان الاتصالات والزيارات الدولية من كبار المسئولين فى العالم لم تتوقف، ولم يتغير الموقف، ودعت مصر إلى قمة فى القاهرة وتحدثت بشجاعة وجسارة برسائل التهديد والتحذير من مبغة وخطورة محاولات فرض مخطط التهجير  وانها لن تصمت، وان المنطقة مع استمرار التصعيد واتساع رقعة الصراع ينذر بحرب شاملة،  ثم اتخاذ اجراءات الاستعداد والجاهزية على الارض، وهو ما قض مضاجع نتنياهو فى تل ابيب، وجاءت تحذيرات الجيش الاسرائيلى والاعلام العبرى من خطورة الصدام مع مصر، ولم تخضع مصر لجميع محاولات التهديد والضغوط والابتزاز والرسائل المشفرة وتكرار الاحاديث عن السد الاثيوبى.

الحقيقة اننا امام نجاح كبير وموقف يفتخر به كل مصرى، ويقين فى قوة وقدرة الدولة المصرية، وحكمة قيادتها، وثقتها ووقوفها على ارض صلبة وتأكيد بنجاح رؤية ثاقبة جرى تنفيذها على مدار 12 عاماً فى سباق مع الزمن لتمكين الوطن من القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة التى تحدث عنها الرئيس السيسى كثيراً، القوة السياسية والدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية والشعبية وهو ما يجسد تكاملية مؤسسات الدولة المصرية تلك هى الدولة التى لطالما حلمنا بها على مدار عقود طويلة.

تحيا مصر